اسمي علياء حنونة، ولدت في عائلة مسيحية. في سنة 1981 م تزوج أبى وأمي وبعد اشهر قليلة بدأت الخلافات العائلية تدب بينهما وعلى أثرها تم الانفصال، وفي هذا الوقت علمت امي بانها حامل ولم تكن ترغب بوجودي ولكنها لم تستطع التخلص مني . كان قلب امي قاسي جداً حتى أنها لم تقبل أن
ترضعني أو أن تحملني بين ذراعيها وقد طلبت من الطبيب ان يبعدني عنها، تحير الطبيب من أمري ...فكيف ترفض أم إرضاع صغيرتها إلى أن جاء أبي واصطحبني معه لتتولى جدتي رعايتي. وقد عوضتني كثيرا عن حنان أمي التي لم ارتشف من حنانها جرعة واحدة. وبعد مرور ست أعوام ألحقت بدير للراهبات وهناك تلقيت التعليم حتى الصف الثامن خلال تلك السنوات كان يتزايد حقدي على الحياة وعلى الظروف, توحشت داخلي مشاعر الكره والبغض تجاه أم لم اعرف عنها شئ .
كانت احتفالات عيد الأم تمر عليّ كسحابة سوداء تظلل أيامي...! ذلك اليوم الذي تلتفت عادة الأمهات حول أولادهن لتعانقهن. أتذكر انه طلب مني يوما فى حفل عيد الام أن اقرأ قصيدة كتبت خصيصا للأم و ما أن وقفت أمام الأمهات. وتكاد تلاحقني نظرات العطف والشفقة تسمرت رجلي وشلت شفتاي فلم استطع الا قراءة سطرين فقط ثم أخذت في البكاء وتركت الحفل ثائرة غاضبة . عشت أياما مريرة كنت على وشك السقوط فى الخطية، وعلى أبواب الجحيم. كنت قد مللت تعب الحياة وجنون الحال من حولي.... بحثت عن السلام كبحث الظمآن عن قطرة مياه فى حضن الصحراء الواسعة. وتمضى الحياة وأنا في صراع بين حبي لجدتي التي ضحت بالكثير من أجلى و ثورتي على أمي التي لم تمهلني أو تعطيني أي اهتمام . لكن شاءت ارادة الله أن تمرض جدتي وقد كنت أرعاها دائما في كل وقت حتى في أوقات المدرسة فقد كنت أسرع آتيه إلى البيت بعد المدرسة لاشملها برعايتي .
لقد حاولت أن احب أمي مثل محبتي لجدتي لكن كل محاولاتي باءت بالفشل. ومرت حياتي ما بين المدرسة وجدتي ولكن قبل ان انتهي من التوجيهي توفيت جدتي وعندها تركت البيت وذهبت الى دير الراهبات مرة أخرى لأعمل هناك. عملت مع الراهبات فترة دامت السنة والنصف. كنت خلال تلك الفترة متمردة على كل شيء. رافضة للنصح والإرشاد. رسخت داخلي مشاعر كره تجاه نفسي وتجاه المحيطين بي كنت اهرب من حالي إلى أحلاما اختلقتها صغت أحداثها . إقامتي فى الدير يسرت لي التردد على الكنيسة للصلاة و كنت افضل التواجد فى بيت الله بمفردي لما انتابني شعور بالخجل والانطواء تلك الفترة. كانت الكنيسة هي ملجأي الوحيد ومهربي من الحزن والألم. كنت أتحدث مع يسوع كخلا وصديقاً وفياً. رويدا رويدا بدأ قلبي يرتاح وهذا ولد داخلي رجاء جديد يبعث الأمل في حياتي المظلمة لكنني لم أدرك الطريق بعد. كنت في اشتياق أن أتخلص من كل هذه المتاعب والألم والهموم المتراكمة. كنت ألهث بحثاً عن الفرح والسلام الحقيقي .
عشت أياماً مريرة كنت على وشك الهاوية والسقوط فى الخطية ،كنت قد مللت تعب الحياة وجنون الحال من حولي....لم أتوقف عن بحثي عن السلام كبحث الظمآن عن قطرة مياه فى حضن الصحراء الواسعة ... صرخت بأعلى صوتي لله « ان كنت موجود، وتهتم لأمري وتريد لي حياة كريمة وتحبني أرجوك ساعدني فقد خارت قواي ولا أقوى على التحمل .! هذه كانت صرختي وقت ضعفى. في اليوم التالي لمنجاتي لله كلمني صديق عن الرب يسوع. و بدأت أتعرف فعلياً على الرب يسوع الذي كنت زمانا طويلا أحاول أن أجد له طريق إ أن هذه المره وجدته سريعا لأنني صرخت له من أعماق قلبي. وبدأ التغير يطرأ على حياتي ويبدل الظلمة بالنور. الليل إلى صباح مشرق! تغيرت أمور الحياة معي بدأت احب المرأة التي كرهتها طوال 18 سنة.
وبعد فترة من قبولي المسيح تركت العمل في الدير ورجعت إلى أهلي متمسكة بإلهي الذي ملئ نفسي حبا و رحمة وقد بدأت اقبل ذاتي، لأن الله قد قبلني قبلا واحبني كما أنا.! وتدربت على قبول الآخر دون تمرد أو كراهية. شكل الله مني أناء جديداً.! صنعته أيادي الفخاري الأعظم. بدأت احب أمي واقبلها كما هي. نجحت فى رفض الكثير من الأمور التي لم اكن أستطيع المثول أمامها بقوة وصلابة، وأيضا لم أتخلى عن أحلامي. تمسكت اكثر بحلمي الصغير ورغبتي في دراسة اللاهوت. اتخذت خطوات جادة لتحقيق حلمي و قررت الالتحاق بكلية اللاهوت وأنا في قمة السعادة والفرح.
أثناء فترة الدراسة تعرفت على ابنة خالتي وعلى ابن خالي وصرت أرى أمي تأتي أياما كثيرة إلى الكلية لترى ابنة أختها لكنها لم تسمح لي أن أتكلم معها، في هذا الوقت لم يكن شعور الغضب والمرارة ينتابني مثل قبل لكنني كنت اصلي لها حتى تحبني وتقبلني كما أنا. لقد تعرفت على كل أهل أمي وأحببتهم كثيرا. ولكن كم هو مؤلم جداً أن ارى أمي مازالت ترفضني وترفض الإصغاء إلىّ ولا تمهلني من وقتها إلا دقائق معدودة عبر الهاتف. وبكل مرة لا أجني من حديثي معها سوى شعوري بالحرمان من حنانها.! وكم أتمنى ولو اعانقها واشعر بدفء صدرها وبنبض قلبها.! أنه أمر صعب جداً علىّ. وأصعب شيء هو تجاهل مشاعري تجاه من حملت بي في بطنها تسعة اشهر. ولكنى بكل صدق كنت اكررعلى مسمعها دائماً أنى احبها لعل يحنو علىّ قلبها ويقبلني. يوما وراء يوما يزداد رفضها لى، وعدم رغبتها فى رؤيتي. كنت أشكى حالي ليسوع فهو الصديق الألزق من الأخ! هو من يضمد جراحاتي ويقويني على التمسك بها لكي أعود إلى حضنها الذي طالما بحثت عنه ... ليس بسهل علىَّ تقبل كل هذا الجحود.
بعد تخرجي فكرت أن اكرس نفسي لخدمة التسبيح والترنيم وقد كان هذا حلم يراودني دوما وبالفعل شاركت فى خدمة الترنيم والتسبيح. بدأت مواهب النعمة تنمو داخلي واكتشفت أن بداخلي قدرات اكثر. بدأت أيضا بكتابة الترانيم والتأملات وتشجيع الناس ومنكسري القلوب والحزانى! وفي مسيرتي مع يسوع أدركت معنى الآية التي تقول في سفر اشعياء النبي والأصحاح التاسع والأربعون والعدد الخامس عشر: “ هل تنسى المرأة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها؟ حتى هؤلاء ينسين، وأنا لا أنساك” لقد كانت هذه الآية لا تعني شيء في الماضي لكن اليوم اسمع صوت إلهى يعزيني بكلماته العذبة.احبك حتى الموت. بلا غش ولا رياء. فهو أبدا لا ينسانا ...
أخي وأختي، إن يسوع الحنّان هو هو أمسا واليوم والى الأبد. إن يسوع ينتظرك لكي تخبره عن مخاوفك، عن أحزانك، وعن تلك الأمورالأخرى التي تشغل فكرك وتظن أنه لا يوجد أحد يقدرك ويفهم مشاعرك. أترك أمور الدنيا واهتمامات العالم. أعط ليسوع وقتا من يومك. لا تخجل أن تعرض عليه أسئلتك أو طلباتك، إن كانت صغيرة أم كبيرة، فإن أمورك الصغيرة ليست تافهة بالنسبة ليسوع، وأمورك الكبيرة ليست بمستحيلة عليه
|